الصفحة الرئيسية  أخبار عالميّة

أخبار عالميّة سهى عرفات وحكمة الصمت المفقود

نشر في  29 سبتمبر 2015  (22:51)

بقلم الإعلامي باسل ترجمان

مرة أخرى تعود أرملة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات لظهور مثير للجدل في برنامج تلفزيوني خصص لنساء قادة وزعماء اتهموا باستغلال نفوذهم ومواقع أزواجهم لتحقيق مكاسب وثروات خيالية من أموال الشعوب وشنت هجوما على صديقتها السابقة ليلى بن علي ووجهت لها سيل من الاتهامات ذكرت الناس بما جمع بينهما من صداقة ومصالح تحولت فيما بعد لعداوات دائمة.

حياة سهى عرفات المثيرة للجدل بدأت منذ انتقالها من فرنسا لتونس للعمل سكرتيرة في مكتب الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بعد أيام من زيارته الرسمية الأولى لفرنسا 1988، وليوم الناس هذا شكلت حالة من المتناقضات بين صفتها كزوجة ثم أرملة عرفات وبين واقع عاشته بعد مغادرتها غزة إثر بداية انتفاضة الأقصى وحتى رحيله، وما تبع ذلك من محطات انتهت في مالطا حيث تقيم رفقة أخيها سفير فلسطين هناك.

وفاة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كانت لحظة فاصلة في حياتها وتحول دورها من زوجة زعيم أكبر ثورات القرن العشرين إلى أرملة تنحسر عنها الأضواء رويداً رويداً. سهى الطويل رافقت الزعيم الفلسطيني في أخر مرحلة من العمر ورحلة نضال طويل أوصلته لرام الله في حلم تمنى أن يتحقق بأن يكون للفلسطينيين دولة، والرحلة الأخيرة لعرفات لم تتوقع أرملته أن تكون سريعة وعاصفة والخمس سنوات الأولى منذ عودته لغزة كانت أشبه بالحلم الذي سرعان ما اختفى وتحول لكابوس رحل بحلمهم وقائدهم في لحظات شديدة الكآبة والقهر تفجرت بانهيار حلم السلام الموعود.

بعد انتقالها لتونس نهاية سنة 2003 ومغادرتها فرنسا مضطرة ولما بعد رحيل الزعيم الفلسطيني أقامت سهى الطويل وابنتها في ضيافة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي صديق ياسر عرفات الشخصي والذي خصص لها إقامة فخمة في أحد قصور الضيافة، وخلالها نأت أرملة عرفات بنفسها عن واقع الفلسطينيين المقيمين بتونس ولم تقترب منهم وفيهم الكثير ممن ناضلوا في الثورة الفلسطينية وقياداتها الذين لم يتمكنوا أو يرغبوا بالعودة لمناطق السلطة الفلسطينية لاعتبارات سياسية وشخصية كثيرة.

واقع تونس لم يكن عسيراً على أحد فهمه بين سنوات 2004 وحتى 2009 فقد كان النظام يسير بشكل جنوني لتحويل تونس لإقطاعية عائلية وشهدت تلك السنوات حروب المصالح بين رجال أعمال وعائلة الرئيس الأسبق وزوجته والتي لم تكتفي بما نالها من أموال وممتلكات حصلت عليها بكل الوسائل فقد كان الجشع أكبر من الواقع بكثير مما جعل أرزاق الناس أحلاما مشروعة لعائلتين تسعيان في تسابق محموم للفوز بها مهما كانت النتائج.

هجوم السيدة سهى عرفات على صديقتها السابقة ليلى بن علي ونفي علمها بما كان يجري في تونس موضوع لا يستحق النقاش أصلاً لأن وجودها طوال تلك المدة التي قضتها كان ضمن محيط عائلتي الرئيس الأسبق وزوجته والتي تحولت من صداقة إلى شراكة ومشاريع تجارية واقتصادية انتهت بتفجر الخلاف مع ليلى بن علي حول مشروع مدرسة تونس الدولية والشراكة بينهما كانت بعلم الجميع ومعرفتهم ولم يكن ضمن ما يوصف بالصفقات السرية أو الغير ظاهرة للعيان.

مرة أخرى تخرج السيدة سهى عن صمتها وتلقي بتصريحات ارتبطت بها كعادة غير موفقة عندما شنت حرب ضروس على رفيقة الأمس وشريكة المشاريع الكبيرة ليلى بن علي والتي يحملها الشعب التونسي رفقة عائلتها للكثير من المشاكل والمآسي التي يعيشها وعايشها في الماضي القريب مما وضع الحديث في باب الانتقام وتصفية الحسابات أكثر مما يقدمه من حقائق لم تعد خافية.

التصريحات غير الموفقة أعادت صورة السيدة سهى للمشهد والتي أرادت أن تبرأ نفسها مما فعلته صديقتها ليلى الطرابلسي في صورة تطهرية مضحكة تظهر أرملة الزعيم الفلسطيني بالبلهاء التي ضحك عليها أو التي لم تكن تعلم بحقائق الأمور وما يجري في تونس على امتداد سنوات إقامتها فيها وفي الحالتين أساءت لنفسها.

أخطاء التصريحات المتسرعة وفي كثير من الأحيان غير مسئولة ليست جديدة على أرملة عرفات التي لم تتعلم أن تحتفظ بمسافة أمان كافية بينها وبين الكثيرين ففي علاقتها بعائلة الرئيس الأسبق بن علي وزوجته انتقلت صفتها من ضيفة تقيم في تونس إلى شريكة في المشاريع وصديقة للعائلة تشاركها كثرة الأفراح والمناسبات السعيدة والأحلام بالفوز بملايين الدولارات والمشاريع العملاقة كانت ستقود حتما للصدام خاصة بين الحالمين بجني الأموال بسرعة وسهولة.

للتاريخ ومنذ رحيل الزعيم ياسر عرفات لم تتوانى القيادات الفلسطينية بتأمين حياة كريمة ومحترمة لأرملة الزعيم عرفات وابنته، لكن السيدة سهى ربما صعب عليها القبول بدور أرملة أكثر وأشهر شخصيات القرن العشرين ما زالت تصر على العودة في القرن الواحد والعشرين إلى مربع الأضواء ومرة أخرى من الزاوية الخطأ.